السباق على الذكاء الاصطناعي.. من يملك مفاتيح المستقبل؟

السباق على الذكاء الاصطناعي.. من يملك مفاتيح المستقبل؟

مراكز البيانات - الذكاء الاصطناعي
السباق على الذكاء الاصطناعي.. من يملك مفاتيح المستقبل؟

تسارعت في السنوات الأخيرة الاستثمارات العالمية في الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، حتى تحولت من قطاع ناشئ إلى محور رئيسي في الاقتصاد الرقمي العالمي.

 مليارات الدولارات ترسم ملامح الاقتصاد الجديد

الأرقام تكشف عن "سباق تكنولوجي" يتجاوز حدود الشركات ليعيد تشكيل موازين القوى الدولية: 14 مليار دولار من مايكروسوفت في "أوبن إيه آي"، 330 مليار دولار عبر أوراكل، و600 مليار دولار تخطط لها "ميتا" حتى 2028، إضافة إلى مشاريع مشتركة تقترب من نصف تريليون دولار بين "سوفت بنك" و"أوراكل" و"أوبن إيه آي". ووفق تقديرات "إنفيديا"، فإن الإنفاق على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي سيتجاوز 4 تريليونات دولار بحلول 2030.

في هذا السياق، قدّم استشاري التحول الرقمي والتطبيقات الصناعية علاء الدين رجب، خلال حديثه إلى برنامج "بزنس مع لبنى" على قناة سكاي نيوز عربية، رؤية معمّقة حول التحولات الاقتصادية والوظيفية والاجتماعية التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، مشبّهًا المشهد الحالي بالثورة الصناعية الأولى، حيث كان من يملك تكنولوجيا البخار يسيطر على مسارات التجارة والاستعمار.

التكنولوجيا بديلاً عن الجغرافيا والسياسة

رجب يرى أن التحولات ليست محض مسألة اقتصادية، بل جزء من صراع سياسي على الهيمنة والسيطرة على البيانات. فبعد عقود من تراكم المعلومات عبر مراكز البيانات التي تضم سجلات البشرية تقريبًا، أصبح امتلاك هذه البنية، مع الخوارزميات والتطبيقات، معادلاً جديدًا للقوة والنفوذ الدولي.

تغيّر الوظائف: بين اختفاء وصعود

التطورات لا تعني بالضرورة اختفاء الصناعات بالكامل، بل إعادة تشكيلها. مثال البنوك حيّ: لم تختفِ الخدمات البنكية، لكنها انتقلت إلى الهواتف الذكية، فيما تحوّل موظفو الفروع التقليدية إلى متخصصين في الأمن السيبراني وخدمة العملاء الرقمية. رجب يشدد على أن "الاختفاء" يعني عمليًا استبدال العمالة التقليدية بمهارات جديدة قادرة على التعامل مع الذكاء الاصطناعي، مع خلق فرص ضخمة في قطاعات مثل:

* المصانع الذكية المعتمدة على الأتمتة والأنظمة السيبرانية.

* الرعاية الصحية عبر التشخيص المبكر وتحليل الصور الطبية.

* الخدمات اللوجستية والنقل الذاتي، مثل مشاريع "أرامكو" مع "هايبرفيو".

* الروبوتات والميكاترونيكس في قطاعات صناعية وخدمية.

المهارات المطلوبة لجيل جديد

يرى رجب أن الشباب العربي أمام لحظة فارقة: إما أن يصبحوا جزءًا من هذه الثورة أو يواجهوا خطر التهميش. أبرز المهارات التي يعتبرها حاسمة:

* تحليل البيانات وعلوم الأمن السيبراني.

* التعلم العميق والبرمجة المتقدمة.

* الميكاترونيكس، باعتباره جسرًا بين البرمجيات والهاردوير.

* التفكير النقدي والعلوم السلوكية لفهم الذكاء الاصطناعي العاطفي.

تقرير البنك الدولي (2025) قدّر أن 33 بالمئة من الوظائف في الدول المتقدمة معرضة للاستبدال بالروبوتات والأنظمة الذكية، ما يعني أن المنطقة العربية، رغم تأخرها النسبي في الاستثمار، قد تملك "فرصة ذهبية" لإعادة تدريب القوى العاملة بدلًا من خسارتها.

الذكاء الاصطناعي والأمن العالمي

كما حذّر رجب خلال حديثه من ان الذكاء الاصطناعي اليوم دخل ميدان الصراعات العسكرية ليقلب موازين الأمن العالمي. فالحروب التي كانت تحتاج إلى جيوش جرّارة ومعدات هائلة باتت ممكنة من خلف شاشة حاسوب، عبر هجمات سيبرانية أو طائرات مسيّرة منخفضة التكلفة. هذا التحول يقلّص عتبة استخدام القوة ويزيد الغموض في تحديد مصدر التهديد، ما يرفع خطر التصعيد والخطأ في الحسابات. وفي غياب قواعد دولية صارمة، تتسع الفجوة بين القدرات التكنولوجية والمسؤولية القانونية والأخلاقية، لتبرز معضلات جديدة حول الردع والاستقرار، فيما يبقى المدنيون والبنى التحتية الحلقة الأضعف أمام هذا السباق غير المنضبط.

0 Comments